الثلاثاء، 9 يناير 2018

ظفير حجه - حضارة الماضي وشموخ الحاضر

الاِمام المهدي لدين اللّه، أحد من ارتضع من العلوم لبابها، واكترع من لجج البحار عبابها، هو أبو الحسن أحمد بن يحيى بن المرتضى بن أحمد بن المرتضى بن المفضل بن منصور بن المفضل الكبير بن عبد اللّه الحجاج بن علي بن يحيى بن القاسم بن يوسف بن الاِمام يحيى بن الاِمام الناصر لدين اللّه أحمد بن يحيى الحسين بن القاسم الرسيّ.
تلقى العلوم الاَدبية واللغوية والدينية من أُسرته وبلغ إلى حد بايعه العلماء بالاِمامة بعد وفاة الاِمام الناصر صلاح الدين بن محمد عام 793 هـ بينما بايع الوزراء ابن الاِمام الناصر يعني علي بن صلاح. فصارت الغلبة نصيب الثاني فسجن ابن المرتضى، ولقد كان التوفيق حليفه في السجن فتفرغ للتأليف وانتج آثاراً لها مكانة كبرى في الاَوساط العلمية لا سيما الزيدية إلى أن وافته المنية عام 840هـ.
عتقل ابن المرتضى في سجن صنعاء سبع سنوات ثم أفرج عنه فتوجه إلى «ثلاء» سنة 801 هـ إلى صعدة سنة 802 هـ وفي سنة 816 هـ رحل إلى بلاد حجّة وتزوج هناك وعكف إلى التأليف وترك الترقب بالمهدي وأراح قلبه من مشاكل السياسة، وقد ترجمه غير واحد من الاَعلام منهم: الشوكاني، قال:
(ولد) بمدينة ذمار يوم الاثنين لعله سابع شهر رجب سنة 775هـ خمس وسبعين وسبعمائة (2) قرأ في علم العربية فلبث في قراءة النحو والتصريف والمعاني والبيان قدر سبع سنين. وبرع في هذه العلوم الثلاثة وفاق غيره من أبناء زمانه ثم أخذ في علم الكلام على صنوه الهادي، وعلى القاضي يحيى بن محمد المدحجي فسمع على الآخر الخلاصة وحفظ الغياضة ثم شرح الاَُصول للسيد مانكديم، ثم أخذ في علم اللطيف فقرأ تذكرة ابن متويه على القاضي المذكور مرة. ثم على القاضي على بن عبد اللّه بن أبي الخير مرة أُخرى ثم قرأ عليه المحيط والمعتمد لاَبي الحسين البصري ومنتهى السوَل.
وصنف التصانيف.
ففي أُصول الدين: «نكت الفرائد في معرفة الملك الواحد» و «القلائد وشرحها الدرر الفرائد» و «الملل وشرحها الاَُمنية والاَمل» و «رياضة الاَفهام في لطيف الكلام» وشرحها «دامغ الاَوهام» وفي أُصول الفقه: «كتاب الفصول في معاني جوهرة الاَُصول» و «معيار العقول وشرحه منهاج الوصول» وفي علم النحو: «الكوكب الزاهر شرح مقدمة طاهر» و «الشافية شرح الكافية» و «المكلّل بفرائد معاني المفصل» و «تاج علوم الاَدب في قانون كلام العرب» و «أكليل التاج وجوهرة الوهاج» وفي الفقه: «الاَزهار» وشرحه «الغيث المدرار» في أربعة مجلدات «والبحر الزخار» في مجلدين.
وفي الحديث: كتاب «الاَنوار في الآثار الناصة على مسائل الاَزهار» في مجلد لطيف وكتاب «القمر النوار في الرد على المرخصين في الملاهي والمزمار».
وفي علم الطريقة: «تكملة الاَحكام» وفي الفرائض: «كتاب الفائض» .
وفي المنطق: «القسطاس» وفي التاريخ: «الجواهر» و «الدرر» وشرحها يواقيت السير. وقد انتفع الناس بمصنفاته لاسيما الفقهية فإنّ عمدة زيدية اليمن في جميع جهاته على الاَزهار وشرحه والبحر الزخار (1)
وقد بسط الكلام في سيره وآثاره علي بن عبد الكريم الفضيل شرف الدين.
قال: فلاحظ من سيرة المهدي _ عليه السلام _ انّه بعد أن خرج من سجن صنعاء جنّد نفسَه للجهاد والجلاد، ولكن جهادُه وجلاده في هذه الفترة لم يكن مع المنصور علي بن صلاح ولا مع غيره وإنّما كان مع الجهلِ والبدعِ والضلالاتِ،
في «ثلا» وبعد خروجه من السجن ألف كتاب (البحر الزخار) الجامع لمذاهب علماء الاَمصار وفيه تظهر آراوَه وأنظاره الخاصة في كل المسائل التي اشتمل عليها الكتاب.
وفي سنة 816 هـ سافر من «ثلا» إلى بلاد مسور وفيه مكث ما شاء اللّه وبدأ في كتابة «غايات الاَفكار» وهو شرح لما تضمنه كتاب «البحر الزخار» من العلوم.
وبعد أن سافر إلى الاَهنوم وأصلح أحوال أهله رجع إلى «الحيمة» لنفس الغرض، ومنها استدعاه أهل حراز لاِصلاح شأنهم ومكث في «حراز» ما شاء اللّه وفيه ألف «الدامغ» و «منهاج الوصول لمعيار العقول» و كتاب «علوم الاَدب» و «القسطاس في المنطق» و «القاموس الفائض في الفرائض» ثم رجع إلى «مسور» لزيارة أولاده وفي هذه الفترة ألف «القمر النوار» .
ثم نزل «الدقائق» من بلاد «لاعة» وفيها ألف «حياة القلوب» .
وفي سنة 836هـ توفي الاِمام الهادي علي بن الموَيد وأوصى بتسليم ما كان بيده من الحصون إلى الاِمام المهدي صاحب الترجمة فأمر ابنه الحسن بن الموَيد بتعهدها وافتقادها، أمّا الاِمام نفسه فقد رحل إلى ظفير حجّة، حيث اتّخذه وطناً له.





x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق